كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ قد تضمن هذا الخبر الحث على الزهد وهو أمر قد تطابقت عليه الملل والنحل قال الغزالي‏:‏ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وصحف موسى وصحف إبراهيم وكل كتاب منزل ما أنزل إلا لدعوة الحق إلى الملك الدائم المخلد والمراد منهم أن يكونوا ملوكاً في الدنيا والآخرة أما ملك الدنيا فبالزهد والقناعة وأما الآخرة فبالقرب منه تعالى يدرك بقاء لا فناء فيه وعزاً لا ذل معه والشيطان يدعوهم إلى ملك الدنيا ليفوت عليهم ملك الأخرى إذ هما ضرتان ونعيم الدنيا لا يسلم له أيضاً لكدرها ومنازعتها وطول الهم والغم وإلا لحسده عليها أيضاً فلما كان الزهد أيضاً جاء حتى عداه عنه ومعنى الزهد أن يملك العبد شهوته وغضبه ‏[‏ص 4‏]‏ وبذلك يصير العبد حراً وباستيلاء الشهوة يصير عبداً لبطنه وفرجه وسائر أغراضه فيكون مسخراً كالبهيمة يجره زمام الشهوة إلى حيث يريد فما أعظم اغترار الإنسان أيظن أنه ينال المال بمصيره مملوكاً وينال الربوبية بأن يصير عبداً ومثله هل يكون إلا معكوساً في الدنيا منكوساً في الآخرة ولهذا قال بعض الملوك لبعض الزهاد‏:‏ هل لك حاجة قال‏:‏ كيف أطلب منك حاجتي وملكي أعظم من ملكك قال‏:‏ كيف‏؟‏ قال‏:‏ من أنت عبده فهو عبدي أنت عبد شهوتك وغضبك وفرجك وبطنك وأنا ملكتهم فهم عبيدي فهذه هو الملك في الدنيا وهو الجار إلى ملك الآخرة فالمخدوعون بالغرور خسروا الدنيا والآخرة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث الحسن البصري ‏(‏عن عمار‏)‏ بن ياسر وضعفه المنذري وقال العلائي‏:‏ حديث غريب منقطع لأن الحسن لم يدرك عماراً وفيه أيضاً الربيع بن بدر قال الدارقطني‏:‏ متروك، وقال الهيثمي‏:‏ فيه الربيع بن بدر متروك، وقال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف جداً، وهو معروف من قول الفضيل بن عياض‏.‏

6246 - ‏(‏كفى بالموت مزهداً في الدنيا ومرغباً في الآخرة‏)‏ لأنه أعظم المصائب وأبشع الرزايا وأشنع البلايا فتفكر يا ابن آدم في مصرعك وانتقالك من موضعك وإذا انتقلت من سعة إلى ضيق وخانك الصاحب والرفيق وهجرك الأخ والصديق وأخذت من فراشك ونقلت من مهادك فيا جامع المال والمجتهد في البنيان ليس لك من مالك إلا الأكفان بل هو للخراب وجسمك للتراب فاعتبر يا مسكين بمن صار تحت الثرى وانقطع عن الأهل والأحباب بعد أن قاد الجيوش والعساكر ونافس الأصحاب والعشائر وجمع الأموال والذخائر فجاء الموت في وقت لم يحتسبه وهول لم يرتقبه وليتأمل حال من مضى من إخوانه ودرج من أقاربه وخلانه الذين بلغوا الآمال وجمعوا الأموال كيف انقطعت آمالهم ولم تغن عنهم أموالهم ومحى التراب محاسن وجوههم وتفرقت في القبور أجزاؤهم وترملت نساؤهم وشمل ذلّ اليتم أولادهم واقتسم غيرهم طريقهم وتلادهم وقيل إن الكنز الذي كان للغلامين كان فيه لوح من ذهب فيه ‏"‏عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالنار كيف يضحك‏.‏

- ‏(‏ش حم في‏)‏ كتاب ‏(‏الزهد عن الربيع بن أنس مرسلاً‏)‏ بصري نزل خراسان روى عن أنس وغيره قال أبو حاتم‏:‏ صدوق وقال ابن أبي داود‏:‏ حبس بمرو ثلاثين سنة‏.‏

6247 - ‏(‏كفى بالمرء إثماً أن يحبس عن من يملك قوته‏)‏ قال النووي‏:‏ قوته مفعول يحبس وقال المظهري‏:‏ يحبس مبتدأ وكفى خبره مقدماً أو خبر مبتدأ محذوف وإثماً تمييز وهذا حث على النفقة على العيال وتحذير من التقصير فيها‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن ابن عمرو بن العاص‏)‏ جاءه قهرمانه فقال‏:‏ أعطيت الرقيق قوتهم قال‏:‏ لا قال‏:‏ فانطلق فأعطهم فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال فذكره‏.‏

6248 - ‏(‏كفى ببارقة السيوف‏)‏ أي بلمعانها قال الراغب‏:‏ البارقة لمعان السيف ‏(‏على رأسه‏)‏ يعني الشهيد ‏(‏فتنة‏)‏ فلا يفتن في قبره ولا يسأل إذ لو كان فيه نفاق لفرَّ عند التقاء الجمعين فلما ربط نفسه للّه في سبيله ظهر صدق ما في ضميره وظاهره اختصاص ذلك بشهيد المعركة لكن أخبار الرباط تؤذن بالتعميم‏.‏

تنبيه‏:‏ قال القرطبي‏:‏ إذا كان الشهيد لا يفتن فالصديق أجل قدراً وأعظم أجراً فهو أحرى أن لا يفتن لأنه المقدم في التنزيل على الشهداء ‏{‏فأولئك الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‏}‏ وقد جاء في المرابط الذي هو أقل رتبة من الشهيد أنه لا يفتن فكيف بمن هو أعلى منه وهو الشهيد‏.‏

- ‏(‏ن عن رجل‏)‏ له صحبة قال‏:‏ يا رسول اللّه ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد فذكره‏.‏

‏[‏ص 5‏]‏ 6249 - ‏(‏كفى بك إثماً أن لا تزال مخاصماً‏)‏ لأن كثرة المخاصمة تفضي غالباً في ما يذم صاحبه وقد ورد الترغيب في ترك المخاصمة ففي أبي داود عن أبي أمامة رفعه أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً وأبغض العباد إلى اللّه تعالى الألد الخصم كما في الصحيحين ولهذا قال داود لابنه‏:‏ يا بني إياك والمراء فإن نفعه قليل وهو يهيج العداوة بين الإخوان قال بعضهم‏:‏ ما رأيت شيئاً أذهب للدين ولا أنقص للمروءة ولا أضيع للذة ولا اشغل للقلب من المخاصمة فإن قيل لا بد من الخصومة لاستيفاء الحقوق فالجواب ما قال الغزالي‏:‏ أن الذم المتأكد إنما هو خاص بباطل أو بغير علم كوكلاء القاضي وقال بعض العارفين‏:‏ إذا رأيت الرجل لجوجاً مرائياً معجباً برأيه فقد تمت خسارته‏.‏

- ‏(‏ت عن ابن عباس‏)‏ وقال‏:‏ غريب وخرجه عنه البيهقي والطبراني قال ابن حجر‏:‏ وسنده ضعيف‏.‏

6250 - ‏(‏كفى به شحاً أن أذكر عند رجل فلا يصلي عليّ‏)‏ أخذ به جمع فأوجبوا الصلاة عليه كلما ذكر لكن الذي عليه الجمهور أنه إنما تجب عليه الصلاة في الصلوات الخمس‏.‏

- ‏(‏ص عن الحسن مرسلاً‏)‏‏.‏

6251 - ‏(‏كفى بالمرء نصراً أن ينظر إلى عدوه في معاصي اللّه‏)‏ لأن العاصي ممقوت متعرض للعطب والمؤاخذة بذنوبه في الدنيا والآخرة وذلك نصر للمرء بلا شك‏.‏

- ‏(‏فر عن علي‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده وليس كذلك‏.‏

6252 - ‏(‏كفى بالرجل أن يكون بذياً فاحشاً بخيلاً‏)‏ فيه أن هذه الأخلاق الثلاثة مذمومة منهي عنها قال الغزالي‏:‏ ومصدرها الخبث واللؤم قال إبراهيم بن ميسرة‏:‏ يجاء بالفاحش المتفحش يوم القيامة في صورة كلب أو في جوف كلب قال الغزالي‏:‏ وحقيقته التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة ويجري أكثر ذلك في ألفاظ الوقاع وما ينطق به فإن لأهل الفساد عبارات فاحشة يستعملونها فيه وأهل الصلاح يتحاشون عن التعرض لها بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز‏.‏

- ‏(‏هب عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني‏.‏

6253 - ‏(‏كفى بالمرء في دينه أن يكثر خطؤه‏)‏ أي إثمه وذنوبه ‏(‏وينقص حلمه وتقل حقيقته جيفة بالليل‏)‏ أي نائم طول الليل كأنه جسد ميت لا روح فيه لا يتهجد ولا يذكر اللّه فيه ‏(‏بطال بالنهار‏)‏ لا حرقة له ‏(‏كسول‏)‏ جزوع ‏(‏هلوع‏)‏ صيغة مبالغة أي شديد الجزع والضجر ‏(‏منوع رتوع‏)‏ أي متسع في الخصب قال في الفردوس‏:‏ الهلع الحرص والشح والرتوع الأكول بسعة ولهمة‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ وكذا الديلمي عن ‏(‏الحكم بن عمير‏)‏ وفيه بقية بن الوليد وقد مر غير مرة وعيسى بن إبراهيم قال الذهبي‏:‏ تركه أبو حاتم‏.‏

6254 - ‏(‏كفى بالمرء إثماً أن يشار إليه بالأصابع‏)‏ قالوا‏:‏ يا رسول اللّه وإن كان خيراً فقال‏:‏ و ‏(‏إن كان خيراً فهي مزلة إلا من رحم اللّه تعالى وإن كان شراً فهو شر‏)‏ قال في الإحياء‏"‏ قد ذكر الحسن للحديث تأويلاً لا بأس به وهو أنه لما رواه ‏[‏ص 6‏]‏ قيل له‏:‏ إن الناس إذا رأوك أشاروا إليك بالأصابع فقال‏:‏ إنه لم يعن هذا إنما عنى به المبتدع في دينه والفاسق في دنياه وفيه أن الاشتهار مذموم وأن المحمود الخمول إلا من نشره اللّه لنشر دينه من غير تكلف منه الشهرة‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ من حديث كثير بن مرة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وشاح ‏(‏عن عمران بن حصين‏)‏ ثم قال أعني البيهقي‏:‏ كثير هذا غير قوي انتهى فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه خرجه وأقره غير سديد وفي الميزان‏:‏ كثير ضعفوه وقال يحيى‏:‏ كذاب ثم أورد له هذا الخبر‏.‏

6255 - ‏(‏كفاك الحية ضربة بالسوط أصبتها أم أخطأتها‏)‏ قال البيهقي‏:‏ هذا إن صح فإنما أراد وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور به فقد أمر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بقتلها ولم يرد به المنع من الزيادة على ضربة واحدة ويدل لذلك حديث مسلم من قتل وزغة بضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الثالثة فله كذا وكذا حسنة أدنى من الثانية‏.‏

- ‏(‏قط في الأفراد هق عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه الطبراني أيضاً‏.‏

6256 - ‏(‏كفارة الذنب الندامة‏)‏ أي ندامة تغطي ذنبه لأن الكافر كافر لأنه يغطي نعمة اللّه بالجحود قال الطيبي‏:‏ الكفارة عبارة الفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة وهي فعالة للمبالغة كصرابة وقتالة وهي من الصفات الغالبة في الاسمية والندم الغم اللازم والحزن ‏(‏ولو لم تذنبوا لأتى اللّه بقوم يذنبون ليغفر لهم‏)‏‏.‏

تنبيه‏:‏ قال رزين‏:‏ من خصائص هذه الأمة أن الندم لهم توبة وكانت بنو إسرائيل إذا أخطأ أحدهم حرم عليه كل طيب من الطعام وتصبح خطيئته مكتوبة على باب داره‏.‏

- ‏(‏حم طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لحسنه لكن قال الحافظ العراقي وتبعه الهيثمي‏:‏ فيه يحيى بن عمر بن مالك الذكري وهو ضعيف‏.‏

6257 - ‏(‏كفارة المجلس‏)‏ أي اللفظ الواقع في المجلس ‏(‏أن يقول العبد‏)‏ بعد أن يقوم كما جاء هكذا في رواية الأوسط للطبراني ‏(‏سبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك‏)‏ قال الحليمي‏:‏ هذا قد يلتحق بقوله تعالى ‏{‏فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ‏(‏وعن ابن مسعود‏)‏ رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط انتهى لكن رواه النسائي في اليوم والليلة عن رافع بن خديج قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده حسن‏.‏

6258 - ‏(‏كفارة النذر إذا لم يسم كفارة اليمين‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ حمله بعضهم على النذر المطلق وأما حمل بعضهم على نذر اللجاج والغضب فلا يستقيم إلا في رواية كفارة اليمين من غير تعرض لقيد عدم التسمية وقال ابن العربي‏:‏ النذر الذي لم يسم هو النذر المطلق وأما المقيد وهو المعين فلا بد من الوفاء به‏.‏

- ‏(‏حم م 3‏)‏ كلهم في النذر ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ ولم يخرجه البخاري وما جرى عليه المصنف من نسبة الحديث بتمامه إلى مسلم غير صواب وإنما رواه بدون قوله ولم يسم ورواه من عداه بدون قيد التسمية‏.‏

‏[‏ص 7‏]‏ 6259 - ‏(‏كفارة من اغتبت‏)‏ أي ذكرته بما يكره في غيبته ‏(‏أن تستغفر له‏)‏ أي تطلب له المغفرة من اللّه أي إن تعذرت مراجعته واستحلاله وإلا تعين ما لم يترتب عليه مفسدة‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في‏)‏ كتاب فضل ‏(‏الصمت‏)‏ أي السكوت عن أبي عبيدة بن عبد الوارث بن عبد الصمد عن أبيه عن عتبة بن عبد الرحمن القرشي عن خالد بن يزيد اليماني ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال‏:‏ عتبة متروك وتعقبه المؤلف بأن البيهقي خرجه في الشعب عن عتبة وقال‏:‏ إسناده ضعيف وبأن العراقي في تخريج الإحياء اقتصر على تضعيفه ورواه عنه الخطيب في التاريخ والديلمي فاقتصار المصنف هنا على ابن أبي الدنيا غير جيد لإبهامه قال الغزالي‏:‏ وهذا الحديث يحتج به للحسن في قوله يكفيك من الغيبة الاستغفار دون الاستحلال‏.‏

6260 - ‏(‏كفارات الخطايا إسباغ الوضوء‏)‏ أي إتمامه وإكماله من واجباته وسننه ‏(‏على المكاره‏)‏ من نحو شدة برد ‏(‏وإعمال الأقدام إلى المساجد‏)‏ أي السعي إليها لنحو صلاة ‏(‏وانتظار الصلاة بعد الصلاة‏)‏ في المسجد وغيره فذلك يكفر الصغائر ما اجتنبت الكبائر‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ورمز المصنف لحسنه‏.‏

6261 - ‏(‏كفر باللّه تبرؤ‏)‏ أي ذو تبرئ ‏(‏من نسب وإن دق‏)‏ ليس المراد بالكفر حقيقته التي يخلد صاحبها في النار ومناسبته إطلاق الكفر هنا أنه كذب على اللّه كأنه يقول خلقني اللّه من ماء فلان ولم يخلقني من ماء فلان والواقع خلافه‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أبي بكر‏)‏ الصديق رمز المصنف لحسنه‏.‏

6262 - ‏(‏كفر بامرئ ادعاء نسب لا يعرف أو جحده وإن دق‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ ليس معنى هذين الخبرين من اشتهر بالنسبة إلى غير أبيه يدخل في الوعيد كالمقداد بن الأسود وإنما المراد به من تحول عن نسبه لأبيه إلى غير أبيه عالماً عامداً مختاراً وكانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره ويصير الولد ينسب إلى الذي تبناه حتى نزل قوله تعالى ‏{‏ادعوهم لآبائهم‏}‏، ‏{‏وما جعل أدعياءكم أبناءكم‏}‏ فنسب كل منهم إلى أبيه الحقيقي لكن بقي بعضهم مشهوراً بمن تبناه فيذكر به لقصد التعريف لا لقصد النسب الحقيقي كالمقداد بن الأسود ليس الأسود أباه بل تبناه واسم أبيه الحقيقي عمر بن ثعلبة‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ورواه عنه أيضاً أحمد والطبراني والديلمي وغيرهم‏.‏

6263 - ‏(‏كفر باللّه العظيم عشرة‏)‏ من المكلفين ‏(‏من هذه الأمة الغال‏)‏ أي الخائن في المغنم وغيره ‏(‏والساحر والديوث‏)‏ الذي لا يغار على أهله ‏(‏وناكح المرأة في دبرها وشارب الخمر ومانع الزكاة ومن وجد سعة ومات ولم يحج والساعي في الفتن‏)‏ بالإفساد ‏(‏وبائع السلاح من أهل الحرب ومن نكح ذات محرم منه‏)‏ أي كل منهم يكفر إن استحل ذلك لكن ينبغي استثناء الواطئ في دبر امرأته‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب وظاهر صنيع المصنف ‏[‏ص 8‏]‏ أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر مع أن الديلمي أخرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور من هذا الوجه‏.‏

6264 - ‏(‏كف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك‏)‏‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الصمت عن أبي ذر‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

6265 - ‏(‏كف عنا جشاءك‏)‏ هو الريح الذي يخرج من المعدة عند الشبع ‏(‏فإن أكثرهم‏)‏ يعني الناس ‏(‏شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة‏)‏ والنهي عن الجشاء نهي عن سببه وهو الشبع وهو مذموم طباً وشرعاً كيف وهو يقرب الشيطان ويهيج النفس إلى الطغيان والجوع يضيق مجاري الشيطان ويكسر سطوة النفس فيندفع شرهما ومن الشبع تنشأ شدة الشبق إلى المنكوحات ثم يتبعها شدة الرغبة إلى الجاه والمال اللذان هما الوسيلة إلى التوسع في المطعومات والمنكوحات ثم يتبع ذلك استكثار المال والجاه وأنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ثم يتولد من ذلك آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ثم يتداعى ذلك إلى الحسد والحقد والعداوة والبغضاء ثم يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء والبطر والأشر وذلك مفض إلى الجوع في القيامة وعدم السلامة إلا من رحم ربك‏.‏

- ‏(‏ت ه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال‏:‏ تجشأ رجل عند النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فذكره قال الترمذي‏:‏ حسن غريب وذلك الرجل هو أبو جحيفة كما صرح به في عدة روايات وكان لم يبلغ الحلم قال في المعارف‏:‏ ولم يأكل بعد ذلك ملء بطنه حتى فارق الدنيا رمز المصنف لحسنه‏.‏

6266 - ‏(‏كف عنه أذاك واصبر لأذاه فكفى بالموت مفرقا‏)‏ قاله لمن شكى إليه أذى جاره له ثم عاد عن قرب وذكر أنه مات قال الغزالي‏:‏ فيه الأمر بالصبر لمن أوذي بفعل أو قول أو جنى عليه في نفسه أو ماله والصبر على ذلك بترك المكافأة قال بعض الصحابة‏:‏ ما كنا نعد إيمان الرجل إيماناً إذا لم يصبر على الأذى وقال تعالى ‏{‏ولنصبرن على ما آذيتمونا‏}‏ وقال لرسوله ‏{‏ودع أذاهم وتوكل على اللّه‏}‏ وقال ‏{‏واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً‏}‏ إلى غير ذلك من الآيات ولذلك مدح تعالى العافين عن حقوقهم في القصاص فقال ‏{‏ولئن صبرتم لهو خير للصابرين‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي عبد الرحمن‏)‏ عبد اللّه بن يزيد ‏(‏الحبلي‏)‏ بضم المهملة والموحدة وهو المغافري من ثقات الطبقة الثالثة ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال‏:‏ شكى رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاره فذكره‏.‏

6267 - ‏(‏كفوا صبيانكم‏)‏ عن الانتشار ‏(‏عند العشاء فإن للجن‏)‏ حينئذ ‏(‏انتشاراً‏)‏ أي تفرقاً ‏(‏وخطفة‏)‏ أي استيلاء بسرعة‏.‏

- ‏(‏د عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه رمز المصنف لصحته ورواه العسكري أيضاً عن جابر بلفظ كفوا فراشيكم حتى تذهب فحمة عتمة العشاء وقال جمع‏:‏ فاشية وهي ما ينشر ويفشو من نحو إبل وغنم قال‏:‏ ومن لا يضبط من أصحاب الحديث يقول مواشيكم وهو تصحيف‏.‏

6268 - ‏(‏كفوا عن أهل لا إله إلا اللّه‏)‏ وهم من نطق بها أي مع نطقه بالشهادة الثانية وإن لم يعلم ما في قلبه ‏(‏لا تكفروهم بذنب‏)‏ ‏[‏ص 9‏]‏ ارتكبوه وإن كان من أكبر الكبائر كالقتل والزنا والسرقة ‏(‏فمن أكفر أهل لا إله إلا اللّه‏)‏ أي حكم بكفرهم ‏(‏فهو إلى الكفر أقرب‏)‏ منه إلى الإيمان فمخالف الحق من أهل القبلة ليس بكافر ما لم يخالف ما هو من ضروريات الدين كحدوث العالم وحشر الأجساد فإنه حينئذ ليس من أهل لا إله إلا اللّه فنكفره وقال عليٌّ كرم اللّه وجهه‏:‏ أعلم الناس باللّه أشدهم حباً وتعظيماً لأهل لا إله إلا اللّه‏.‏ قال ابن عربي‏:‏ إياك ومعاداة أهل لا إله إلا اللّه فإن لهم من اللّه الولاية العامة فهم أولياء اللّه ولو جاؤوا بقراب الأرض خطايا لا يشركون باللّه لقيهم اللّه بمثلها مغفرة ومن ثبتت ولايته حرمت محاربته ومن لم يطلعك اللّه على عداوته للّه فلا تتخذه عدواً فإذا تحققت أنه عدو اللّه وليس إلا المشرك فتبرأ منه كما فعل إبراهيم بأبيه ولا تعاد عباد اللّه بالإنكار ولا بما ظهر على اللسان بل اكره فعله لا عينه والعدو للّه إنما يكره عينه ففرق بين من يكره عينه وهو عدو اللّه ومن يكره فعله وهو المؤمن العاصي‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه الضحاك بن حمزة عن علي بن زيد وقد اختلف في الاحتجاج بهما‏.‏

6269 - ‏(‏كل آية في القرآن درجة في الجنة‏)‏ فيقال للقارئ ارق في درجها على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميعه استولى على أقصى درج الجنة ومن قرأ جزءاً منها فرقيه في الدرج بقدر ذلك فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة وهذا تحريض لنا على الإكثار من القراءة وملازمة التدبر والعمل به ‏(‏ومصباح في بيوتكم‏)‏ من كثرة الملائكة المفيضين للرحمة والمستمعين لتلاوته، قال الإمام أحمد‏:‏ رأيت اللّه عز وجل في النوم فقلت‏:‏ يا رب ما أفضل ما تقرب به المتقربون عندك قال‏:‏ بكلامي يا أحمد قلت‏:‏ بفهم أو بغير فهم قال‏:‏ بفهم أو بغير فهم‏.‏

- ‏(‏حل عن ابن عمرو‏)‏ ابن العاص وفيه رشد بن سعد وقد مر غير مرة تضعيفه‏.‏

6270 - ‏(‏كل ابن آدم يأكله التراب‏)‏ أي كل أجزاء ابن آدم تبلى وتنعدم بالكلية أو المراد أنها باقية لكن زالت أعراضها المعهودة قال إمام الحرمين‏:‏ ولم يدل قاطع سمعي على تعين أحدهما ولا يبعد أن تصير أجسام العباد بصفة أجسام التراب ثم تعاد بتركها إلى المعهود ‏(‏إلا عجب الذنب‏)‏ بفتح العين فسكون، العظم الذي في أصل صلبه، فإنه قاعدة البدن كقاعدة الجدار فيبقى ليركب خلقه منه عند قيام الناس من قبورهم، وقال القاضي‏:‏ أراد طول بقائه تحت التراب لا أنه لا يفنى أصلاً لأنه خلاف المشهور ‏(‏منه خلق ومنه يركب‏)‏ أي منه ابتداء خلق الإنسان وابتداء تركيبه ويحتمل أن المراد ابتداء خلقه ومنه يركب خلقه عند قيام الساعة وهذا أظهر ثم هذا عام خص منه نحو عشرة أصناف كالأنبياء والشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن فمعنى الخبر كل ابن آدم مما يأكله التراب وإن كان التراب لا يأكل أجساداً كثيرة‏.‏

- ‏(‏م د ن عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6271 - ‏(‏كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين‏)‏ لا يناقضه الخبر المار أنت ومالك لأبيك لما سبق أن معناه إذا احتاج لمالك أخذه لا أنه يباح له ماله على الإطلاق إذ لم يقل به أحد‏.‏

- ‏(‏هق‏)‏ عن أبي عبيد عن هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى ‏(‏عن حبان‏)‏ بكسر المهملة وموحدة مشددة وآخره نون ابن أبي جبلة بفتح الجيم والموحدة ‏(‏الجمحي‏)‏ أشار المصنف لصحته وهو ذهول أو قصور فقد استدرك عليه الذهبي في المهذب فقال‏:‏ قلت لم يصح مع انقطاعه‏.‏

‏[‏ص 10‏]‏ 6272 - ‏(‏كل البواكي‏)‏ على موتاهن ‏(‏يكذبن‏)‏ أي فيما يصفن من الفضائل أو الفواضل ‏(‏إلا أم سعد‏)‏ بن معاذ فإنها لم تكذب فيما وصفته به لاتصاف ميتها بذلك‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن سعد بن إبراهيم مرسلاً‏)‏ هو الزهري، ولى قضاء واسط قال الذهبي‏:‏ صدوق‏.‏

6273 - ‏(‏كل الخير أرجو من ربي‏)‏ أي أؤمل منه أن يجمع فيَّ زمن الخيور ما تفرق في سائر الأنبياء وقد حقق اللّه رجاءه وهذا قاله للعباس في مرضه فبين به أنه يطلب للمريض أن يكون رجاؤه أقوى من خوفه عكس الصحيح‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن العباس‏)‏ بن عبد المطلب‏.‏

6274 - ‏(‏كل الذنوب يؤخر اللّه تعالى ما شاء منها‏)‏ أي جزاءه إلى ‏(‏يوم القيامة‏)‏ فيجازي بها فاعلها فيه إن شاء قال الطيبي‏:‏ من في منها منصوبة المحل مفعولة بيؤخر وتكون ابتدائية ‏(‏إلا عقوق الوالدين‏)‏ أي الأصلين المسلمين ‏(‏فإن اللّه يعجله‏)‏ أي يعجل عقوبته ‏(‏لصاحبه‏)‏ أي فاعله ‏(‏في الحياة الدنيا قبل الممات‏)‏ ولا يغتر العاق بتأخير التأثير حالاً بل يقع ولو بعد حين كما وقع لابن سيرين أنه لما ركبه الدين اغتم فقال‏:‏ إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة ونظر بعض العباد إلى أمر فقيل له لتجدن غبه بعد أربعين سنة فكان كذلك‏.‏ قال الذهبي‏:‏ وفيه أن العقوق كبيرة وهو متفق عليه‏.‏

- ‏(‏طب ك‏)‏ في البر من حديث بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه ‏(‏عن أبي بكرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح ورده الذهبي فقال‏:‏ بكار ضعيف‏.‏

6275 - ‏(‏كل العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ الخليل يعني هم كلهم ذريته فليس من عربي إلا وهو منهم‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن علي‏)‏ بضم العين وفتح اللام بضبط المصنف ‏(‏ابن رباح مرسلاً‏)‏ هو اللخمي وكان في المكتب إذ قتل عثمان‏.‏

6276 - ‏(‏كل الكذب يكتب على بن آدم إلا ثلاث الرجل يكذب في الحرب‏)‏ فلا يكتب عليه في ذلك إثم ‏(‏فإن الحرب خدعة‏)‏ بل قد يجب إذا دعت إليه ضرورة أهل الإسلام ‏(‏والرجل يكذب على المرأة فيرضيها‏)‏ صادق بامرأته وغيرها كأمته أو نحو ابنته من عياله ‏(‏والرجل يكذب بين الرجلين‏)‏ بينهما نحو إحن وفتن ‏(‏ليصلح بينهما‏)‏ فالكذب في هذه الأحوال غير محرم بل قد يجب ومحصوله أن الكذب تجري فيه الأحكام الخمسة والضابط كما قال الغزالي‏:‏ أن الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذب فيه حرام لفقد الحاجة وإن لم يكن للتوصل إليه إلا به جاز إن كان ذلك المقصود جائزاً ويجب إن كان واجباً وله أمثلة كثيرة‏.‏

- ‏(‏طب وابن السني في عمل يوم وليلة‏)‏ والخرائطي في المكارم ‏(‏عن النواس‏)‏ بن سمعان رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد ‏[‏ص 11‏]‏ ابن جامع العطار وهو ضعيف اهـ‏.‏ وقال شيخه العراقي‏:‏ فيه انقطاع وضعف ورواه ابن عدي عن أسماء بنت يزيد يرفعه بلفظ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخطب وهو يقول‏:‏ يا أيها الناس ما يحملكم على أن تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار‏؟‏ كل الكذب‏.‏ إلى آخر ما هنا‏.‏

6277 - ‏(‏كل‏)‏ مبتدأ ‏(‏المسلم‏)‏ فيه رد لزعم أن كلاً لا تضاف إلا إلى نكرة ‏(‏على المسلم حرام‏)‏ خبره ‏(‏ماله‏)‏ أي أخذ ماله بنحو غصب ‏(‏وعرضه‏)‏ أي هتك عرضه بلا استحقاق ‏(‏ودمه‏)‏ أي إراقة دمه بلا حق وأدلة تحريم هذه الثلاثة مشهورة معروفة من الدين بالضرورة وجعلها كل المسلم وحقيقته لشدة اضطراره إليها فالدم فيه حياته ومادته المال فهو ماء الحياة الدنيا والعرض به قيام صورته المعنوية واقتصر عليها لأن ما سواها فرع عنها وراجع إليها لأنه إذا قامت الصورة البدنية والمعنوية فلا حاجة لغيرهما وقيامهما إنما هو بتلك الثلاثة ولكون حرمتها هي الأصل والغالب لم يحتج لتقييدها بغير حق فقوله في رواية إلا بحقها إيضاح وبيان، وذا حديث عظيم الفوائد كثير العوائد مشير إلى المبادئ والمقاصد ‏(‏حسب امرئ من الشر‏)‏ يكفيه منه في أخلاقه ومعاشه ومعاده ‏(‏أن يحقر أخاه المسلم‏)‏ أي يذله ويهينه ويزدريه ولا يعبأ به لأن اللّه أحسن تقويمه وسخر ما في السماوات والأرض لأجله ومشاركة غيره له إنما هي بطريق التبع وسماه مسلماً ومؤمناً وعبداً وجعل الأنبياء الذين هم أعظم الخلق من جنسه فاحتقاره احتقار لما عظمه اللّه وشرفه ومنه أن لا يبدأه بالسلام ولا يرده عليه احتقاراً‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الأدب ‏(‏ه‏)‏ في الزهد ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه مسلم بتمامه بتقديم وتأخير ولفظه بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه اهـ‏.‏

6278 - ‏(‏كل أمتي معافى‏)‏ بفتح الفاء مقصوراً اسم مفعول من عافاه اللّه إذا أعفاه وقال النووي‏:‏ هو بالهاء في آخره هكذا هو في معظم النسخ والأصول المعتمدة اهـ‏.‏ وفي نسخ المصابيح وغيرها معافى بلا هاء كما هنا قال الطيبي‏:‏ وعليه فينبغي أن تكتب ألفه بالياء فيكون مطابقاً للفظ كل ‏(‏إلا المجاهرين‏)‏ أي لكن المجاهرين بالمعاصي لا يعافون من جاهر بكذا بمعنى جهر به وعبر بفاعل للمبالغة أو هو على ظاهر المفاعلة والمراد الذي يجاهد بعضهم بعضاً بالتحدث بالمعاصي وجعل منه ابن جماعة إفشاء ما يكون بين الزوجين من المباح ويؤيده الخبر المشهور في الوعيد عليه ‏(‏وإن من الجهار‏)‏ أي الإظهار والإذاعة ‏(‏أن يعمل الرجل بالليل عملاً‏)‏ مسيئاً ‏(‏ثم يصبح‏)‏ أي يدخل في الصباح ‏(‏وقد ستره اللّه فيقول عملت البارحة‏)‏ هي أقرب ليلة مضت من وقت القول من برح زال ‏(‏كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر اللّه عنه‏)‏ بإشهار ذنبه في الملأ وذلك خيانة منه على ستر اللّه الذي أسدله عليه وتحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه أو أشهده فهما جنايتان انضمتا إلى جنايته فتغلظت به فإن انضاف إلى ذلك الترغيب للغير فيه والحمل عليه صارت جناية رابعة وتفاحش الأمر‏.‏

- ‏(‏ق عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أبو يعلى وغيره‏.‏

6279 - ‏(‏كل أمتي معافى‏)‏ اسم مفعول من العافية وهو إما بمعنى عفى اللّه عنه وإما سلمه اللّه وسلم منه ‏(‏إلا المجاهرين‏)‏ أي المعلنين بالمعاصي ‏[‏ص 12‏]‏ المشتهرين بإظهارها الذين كشفوا ستر اللّه عنهم وروي المجاهرون بالرفع ووجهه بأن معافى في معنى النفي فيكون استثناء من كلام لغو موجب والتقدير لا ذنب لهم إلا المجاهرون ثم فسر المجاهر بأنه ‏(‏الذي يعمل العمل بالليل فيستره ربه فيقول يا فلان إني عملت البارحة كذا وكذا فيكشف ستر اللّه عز وجل‏)‏ عنه فيؤاخذ به في الدنيا بإقامة الحد وهذا لأن من صفات اللّه ونعمه إظهار الجميل وستر القبيح فالإظهار كفران لهذه النعمة وتهاون بستر الله قال النووي‏:‏ فيكره لمن ابتلي بمعصية أن يخبر غيره بها بل يقلع ويندم ويعزم أن لا يعود فإن أخبر بها شيخه أو نحوه مما يرجو بإخباره أن يعلمه مخرجاً منها أو ما يسلم به من الوقوع في مثلها أو يعرفه السبب الذي أوقعه فيها أو يدعو له أو نحو ذلك فهو حسن وإنما يكره لانتفاء المصلحة وقال الغزالي‏:‏ الكشف المذموم إذا وقع على وجه المجاهرة والاستهزاء لا على السؤال والاستفتاء بدليل خبر من واقع امراته في رمضان فجاء فأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فلم ينكر عليه‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ وكذا الصغير ‏(‏عن أبي قتادة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه عوف بن عمارة وهو ضعيف‏.‏

6280 - ‏(‏كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى‏)‏ بفتح الهمزة والموحدة بامتناعه عن قبول الدعوى أو بتركه الطاعة التي هي سبب لدخولها لأن من ترك ما هو سبب شيء لا يوجد بغيره فقد أبى أي امتنع والمراد أمة الدعوة فالآبي هو الكافر بامتناعه عن قبول الدعوة وقيل أمة الإجابة فالآبي هو العاصي منهم، استثناهم تغليظاً وزجراً عن المعاصي قالوا‏:‏ ومن يأبى يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏من أطاعني‏)‏ أي انقاد وأذعن لما جئت به ‏(‏دخل الجنة‏)‏ وفاز بنعيمها الأبدي، بين أن إسناد الامتناع عن الدخول إليهم مجاز عن الامتناع لسببه وهو عصيانه بقوله ‏(‏ومن عصاني‏)‏ بعدم التصديق أو بفعل المنهي ‏(‏فقد أبى‏)‏ ‏[‏من عصاه، صلى الله عليه وسلم، فقد أبى دخول الجنة، لأنه أبى وامتنع عن الطريق الوحيد الموصل إليها‏.‏ دار الحديث‏]‏

فله سوء المنقلب بإبائه والموصوف بالإباء إن كان كافرا لا يدخل الجنة أصلا أو مسلماً لم يدخلها مع السابقين الأولين قال الطيبي‏:‏ ومن أبى عطف على محذوف أي عرفنا الذين يدخلون الجنة والذي أبى لا نعرفه وكان من حق الجواب أن يقال من عصاني، فعدل إلى ما ذكره تنبيهاً به على أنهم ما عرفوا ذاك ولا هذا، إذ التقدير من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة ومن اتبع هواه وزل عن الصواب وخل عن الطريق المستقيم دخل النار فوضع أبى موضعه وضعاً للسبب موضع المسبب‏.‏

- ‏(‏خ‏)‏ في أواخر الصحيح ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه مسلم ووهم الحاكم في استدراكه وعجب إقرار الذهبي له عليه في تلخيصه‏.‏

6281 - ‏(‏كل امرئ مهيأ لما خلق له‏)‏ أي مصروف مسهل لما خلق له إن خيراً فخير وإن شراً فشر وفيه إيماء إلى أن المآل محجوب عن المكلف فعليه أن يجتهد في عمل ما أمر به فإن عمله أمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالباً وإن كان بعضهم قد يختم له بغير ذلك لكن لا إطلاع لنا عليه فعلى المكلف بخاصة نفسه ولا يكلها إلى ما يؤول إليه أمره فيلام ويستحق العقوبة‏.‏

- ‏(‏حم طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال‏:‏ قالوا يا رسول اللّه أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه أو شيء نستأنفه فقال‏:‏ بل فرغ منه قالوا‏:‏ فكيف بالعمل فذكره قال الهيثمي‏:‏ سليمان بن عنبسة وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر بعد ما عزاه لأحمد‏:‏ سنده حسن‏.‏

6282 - ‏(‏كل امرئ في ظل صدقته‏)‏ يوم القيامة حين تدنو الشمس من الرؤوس ‏(‏حتى يقضى‏)‏ لفظ رواية الحاكم حتى يفصل ‏(‏بين الناس‏)‏ يعني أن المتصدق يكفى المخاوف ويصير في كنف اللّه وستره يقال أنا في ظل فلان أي في داره وحماه أو المراد الحقيقة بأن تجسد الصدقة فيصير بها في ظل بخلق اللّه وإيجاده كما قيل فيه وفي نظائره المعروفة كذبح ‏[‏ص 13‏]‏ الموت ووزن الأعمال ‏{‏واللّه على كل شيء قدير‏}‏ وكان بعض السلف لا يأتي عليه يوم إلا تصدق ولو ببصلة أو لقمة‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال في المهذب‏:‏ إسناده قوي وقال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد ثقات‏.‏

6283 - ‏(‏كل أمر ذي بال‏)‏ أي حال شريف محتفل ومهتم به شرعاً كما يفيده التنوين المشعر بالتعظيم والبال أيضاً القلب كأن الأمر ملك قلب صاحبه لاشتغاله به وقيل شبه الأمر بذي قلب على الاستعارة المكنية بأن يشبه برجل له قلب ثبت وجنان ذو عزم فنبه عن لازم المشبه به وهو البال المنكر تنكير تفخيم على موضع الاستعارة في أمر فيكون قوله أقطع من قوله ‏(‏لا يبدأ فيه بالحمد أقطع‏)‏ ترشيحاً للاستعارة قال الطيبي‏:‏ والأولى أن يحمل الحمد هنا على الثناء على الجميل من نعمة وغيرها من أوصاف الكمال والجلال والإكرام والإفضال‏.‏ واعلم أن لفظ ابن ماجه لا يبدأ فيه بالحمد أقطع والبيهقي بالحمد للّه ولفظ البغوي بحمد اللّه قال التاج السبكي‏:‏ والكل بلفظ أقطع من غير إدخال الفاء على خبر المبتدأ وجاء في رواية فهو أجذم بإدخال الفاء على خبر المبتدأ، وليس ذا في أكثر الروايات‏.‏ قال النووي‏:‏ يستحب البداءة بالحمد لكل مصنف ودارس ومدرّس وخطيب وخاطب، وبين يدي جميع الأمور المهمة‏.‏

- ‏(‏ه هق‏)‏ وكذا أبو عوانة الإسفرايني في مسنده المخرج على صحيح مسلم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه تبعاً لابن الصلاح قال‏:‏ وإنما لم يصح لأن فيه قرة بن عبد الرحمن ضعفه ابن معين وغيره، وأورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال أحمد‏:‏ منكر الحديث جداً ولم يخرج له مسلم إلا في الشواهد‏.‏

6284 - ‏(‏كل أمر ذي بال‏)‏ أي ذي شأن وشرف، وفي رواية كل كلام، والأمر أعم من الكلام لأنه قد يكون فعلاً فلذا آثر روايته‏.‏ قال ابن السبكي‏:‏ والحق أن بينهما عموماً وخصوصاً من وجه فالكلام قد يكون أمراً وقد يكون نهياً وقد يكون خبراً والأمر قد يكون فعلاً وقد يكون قولاً ‏(‏لا يبدأ فيه ببسم اللّه الرحمن الرحيم أقطع‏)‏ أي ناقص غير معتد به شرعاً‏.‏ وسبق أن المراد بالحمد ما هو أعم من لفظه وأنه ليس القصد خصوص لفظه فلا تنافي بين روايتي الحمد والبسملة قال الكازروني‏:‏ وقد فهموا من تخصيص الأمر بذي البال أنه لا يلزم في ابتداء الأمر الحقير التسمية لأن الأمر الشريف ينبغي حفظه عن صيرورته أبتر والحقير لا اهتمام ولا اعتداد بشأنه‏.‏